Tuesday, June 27, 2006

عدسة

كنت واقفا في شرفتي..ناظرا للمارة والشوارع والسيارات والاضواء..افكر في اشياء اخرى غير التي انظر اليها,حبيبتي...مستقبلي....اهلي...القدر...تلك الحياة الغريبة...وكيف تنتهي!!!.وللحظة طرأ على ذهني أمر عجيب ربما انه حلم او خيال او امنية او حتى جنون..تخيلت نفسي انني عدسة!! نعم عدسة..عدسة كاميرا تتحرك في كل مكان واي مكان تطير وقتما تشاء وتتوقف عندما تريد والأهم من ذلك انها تسجل وتسجل ولا يمنعها من التسجيل الا....لا ادري...ربما لا يمنعها شيئا من التسجيل
......
وهانذا بدات رحلتي وضغطت على زر التشغيل...بدات تلك العدسة المريضة في التحرك..تصور المارة والسيارات والشوارع والاضواء
وحتى الاصوات وبسرعة لا ادرك معناها في خيالي نزلت تلك العدسة لتستقر امام رجل يضحك وفي يده مكالمة هاتفية كان يضحك بشدة وتتعالى ضحكاته اكثر فاكثر لدرجة غريبة قائلا (الان قد تعلم الدرس جيدا....)...اثارت ضحكاته وذلك البريق في عينيه فضولي فدخلت بعدستي الى ذلك الهاتف في يديه لارى ماذا يضحكه وبتلك السرعة الغريبة والتي زادت هذه المرة..بدات ارى المارة ومن حولي صور ممزقة كمن يركب قطارا ...وفي زحام الصور وقبل ان اصل الى الطرف الاخر...لمحت شيئا...سيارة فارهة بها شاب في مقتبل العمر انيق الملابس بشوش الوجه ولكن...استوقفني شيء على هذا الوجه...تلك الدموع..دموع غزيرة...تشعرك بالمرارة والاسى..لدرجة التعاطف وياس رهيب يتجسد عندما تلتقط العدسة يداه وهي تعتصر المقود من تحت يديه...وينظر لمجموعة من الملفات بجانبه...دخلت عدستي هذه الملفات وسرعتي تتزايد...قرات سطورا وتركت سطورا...كانت بعض الكلمات في راسي (افلاس ...تصفية...ديون...الشركة...الضرائب....) ادركت ان حلم حياة هذا الشاب قد انهار وتراكمت عليه الديون وخسر الكثير من ثفقات شركته المبتدءة والطريق الان هو الافلاس والضياع بل والعودة الى ما قبل الصفر...وقبل ان افكر.. سحبتي عدستي المريضة بسرعة اكبر ..وبدات احس انني مجبر على طريق معين لم اعد استطيع توجيها او حتى ابطائها..او جعلها تتوقف عن التسجيل...طارت بي بسرعة اكبر واكبر والصور المارة اكثر تمزقا وتوقفت بقوة شديدة توترت لها اعضائي امام وجه رجل اخر يتحدث في الهاتف (وان اردت يا سيدي لقناه دروسا اكثر...)دروس !!! انه الطرف الاخر اي دروس!!!...(لفد ضغطنا عليه وحاصرناه في السوق,واصدقائنا في الضرائب والبنوك لم يقصروا في تضييق الخناق عليه...لن تقوم ل(علاء) قائمة بعد اليوم)....علاء!!! ما هذا حطوط عدستي تتشابك...انه اسم الشاب الذي قراته في الملفات..صاحب السيارة...انتم من جعلوا حياته تنهار..مسكين!!!...اشراار...سحبتني العدسى بسرعة لم اعد ادرك معها اي شيء...شاب يقول (يا لها من سيارة)...واخر في الجهة المقابلة له من الشارع يعبر...ينظر له مبتسما....ونظرة ملائكية تعتلي وجهه...وفجأة......تحولت تلك النظرة الى هلع...ودون ارادتي تحولت عدستى الى الحركة البطيئة...الملاك العابر ينظر الى سيارة تقترب منه وتقترب وتقترب...والرجل الاخر الذي ظن ان صاحب السيارة هو اسعد المخلوقات ...بدا يدرك في نفس اللحظة إن حياته سوف تتحول الى جحيم...السيارة تدخل كادر العدسة...اصطدام قوي يتوقف معه قلبي...وكان هذه اللحظة هي كل اللحظات الحزينة في حياتي..وكان هذا الشاب هو اعز اصدقائي...السيارة تملا الكادر..شاب مذعور بداخلها وكأنه لم يكن في وعيه...وعلى وجهه..................................يا الهي!!!!.....تلك الدموع..اعرفها...علاء........يا الهي!!!!..يا الهي
عادت عدستي الى سرعتها تدريجيا والدموع تختنق في عيني من شدة السرعة طارت...لم اعد اميز الالوان والصور...دارت بي وكاني اطير نائما على ظهري...توقفت....توقفت...نعم هذه المرة ...توقفت تماما حتى عن التسجيل...لانها عادت..انها شرفتي...وانها دموعي....تنهمر..تلك التي كانت قد اختنقت....ابكي واتذكر دموع علاء...ابكي واتذكر ذلك الملاك العابر....ابكي ودموعي لا تظهر في الشريط..فتلك العدسة المجنونة..تصور ما تريد...وتترك ما تريد....وبدات افوق من اوهامي...واستعيد الواقع من حولي...وألملم الصور الممزقة..للمارة..والشوارع...والناس...امسح دموعي..ويظل في ذهني ذلك السؤال...لو كنت يوما تلك العدسة..فكيف اكون انا المصور ايضا!!! كيف ابدأ التسجيل...او اوقفه....او اغير ذلك الشريط المريض...ام ان المخرج هو ...هو المخرج في هذا المشهد القصير المتداخلة خطوطه!!!!!!!!!!!!!!!!....

Labels: